((حوار مع صقر قريش))

بسم الله الرحمن الرحيم:

وانا امشي في ربوع الكويت الجميلة مع صديقي نتحادث حول التاريخ فتحدثنا عن صقرقريش (عبدالرحمن الداخل ) فكثر الجدال بيننا

فقال ياصديقي العزيز اباعبدالله وهذه كنيتي اليوم سنحد الحد فيما اختلفنا فيه هلم الى بيتي فعندي آلة الزمن اعطاني اياها صديقي الياباني

فوناكي (اختراعاتهم عجيبة واساميهم اعجب) فهم يصنعون الأعاجيب اذهب الى زمن صقرقريش وناقشه واعرف سيرته

فقلت له فكرة رائعة لنفعلها واتيته في الغد وركبت آلة الزمن وحددنا السنة :171للهجرة آخر سنة في حياة هذا الصقر الذي مات سنة 172

للهجرة لنعرفكل شيء عن سيرته ركبت الآلة واغمضت عيني ولم افتحها الا في مدينة جوها جميل وهواءها ناعم رقيق وجنات خضراء

رأيت احدهم فسألته اين نحن ؟ فقال لي:الرجل: امجنون أنت ؟؟ نحن في قرطبة حاضرة الأندلس

قلت :اي سنة نحن؟

قال :مابالك لاتعرف المكان ولا الزمان نحن في سنة 171من هجرة المصطفى صلوات الله عليه

قلت فرحا ولم اتمالك نفسي: اذا نحن في زمن صقر قريش عبدالرحمن الداخل اليس كذلك؟

قال متعجبا اكثر وأكثر: مابالك تسأل اسئلة كهذه نعم نحن في زمن صقر قريش من المؤكد انك غريب .

قلت : نعم غريب الزمان والمكان

قال : غريب المكان نعم لكن كيف غريب الزمان ايضا ؟

قلت : قصة طويلة ماأسمك؟

قال:ابراهيم بن عيسى وانت ما أسمك

قلت : نادني باأبي عبدالله

قال: اهلا ابك يا أباعبدالله

قلت : اولا تسدي الي خدمة لا انساها لك طول العمر؟

ابراهيم:وماهي؟

أنا : اريدك ان تأخذني الى صقر قريش نفسه فهل تقدر؟

ابراهيم: حسنا استطيع ذلك فانا اعمل في قصره وكثيرا ماكنت أسلم عليه وانا في طريقي اليه فهلم معي اليه

أنا: على بركة الله دخلت قرطبة فاذا ذاك الموكب الكبير والناس تتجمع حوله فقلت: يا أبراهيم اهذا موكب صقر قريش؟

ابراهيم:لا ياأبا عبدالله ليس هذا موكب الأمير هذا موكب ابنه هشام

قلت: نعم الرجل والله وبعد دخولنا قرطبة في اتجاهنا الى منية الرصافة رصافة الداخل رأيت تلك الأسواق الجميلةوالحدائق الغناء والناس بين

الحدائق فرحين فقلت :يا الله مأجمل قرطبة

ابراهيم:قالها كل من دخل قرطبة ورآها لذلك اقرها صقر قريش عاصمة لدولته دون غيرها

قلت: نعم الأختيار والله وهانحن وصلنا منية الرصافة قلبي تتسارع دقاته ليس الا وقت قصير واقابل الشخصية التي لطالما اعجبت بها

عبدالرحمن الداخل رجل الأندلس القوي سأقابله الآن ودخلنا فذهب ابراهيمودخل مجلس الحكم وطلب من صقر قريش ان يسمح بمقابلتي ففعل

فدخلت واذا أنا برجل مهيب أعور العين فهو لايبصر بعينه اليمنى بسبب الرمد الذي كان فيه طويل اللحية غلبها الشيب رجل مهيب لا ألوم

الفقيه عمرو بن أبي هند ان كان اسمه صحيحا الذي قال (ماهبت احدا قط هيبتي حين دخلت على عبدالرحمن بن معاوية الا الإمام مالك) مكانة

العلم تفوق مكانة الحكم وهذاطبيعي لكني ذكرت ذلك لأريكم كيف هذا الشخص يملك من الهيبة حتى الذي درس عند الإمام مالك هابه وبعد هذه

الوقفة بدأ الحوار:أنا:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صقر قريش:وعليك السلام ورحمة الله وبركاته من أنت ومن أين جئت؟

أنا : انا اباعبدالله اتيت من بلاد المسلمين من جزيرة العرب

صقر قريش: اهلا بأصل العرب قيل لي انك تريدني فماذا تريد؟

أنا : اريد مناقشتك ومعرفة من انت وماهي قصتك

تبسم وقال: حسنا فاسأل ماشئت

أنا : من أنت؟

صقر قريش: انا عبدالرحمن بن معاوية بن هشام بن عبالملك ولدت في الشام وتربيت في كنف جدي العظيم هشام بن عبدالملك رحمه الله في

رصافته الغناء في دمشق تربيت في حدائقهاالغناء مع ازهار الفل والياسمين والرمان تربيت على الفروسية والقيادة ورباني على ذلك

جدي هشام بعد موت ابي صغيرا رحمه الله وكنت مستمرا في الشام في ذلك العز حتى اتتنا الداهية السوداء مسودة بني العباس فسلبونا ملكنا

واسقطوا دولتنا وهربت انا ووجدتني هنا .

أنا: حدثني عن رحلتك؟

اتكأ صقر قريش وبدأ يتذكر وبعد ذلك قال : رحلتي عمرها ست سنوات بدأت عام 132 وانتهت في عام 138 رحلة طويلة دفع فيها ثمن

غالٍ دماءٌ عزيزة واتتني فيها داهية الدواهي ضاع الملك فقد ملك من هو ليس اهل للملك الوليد بن يزيد فانفرط عقد بني امية وقاتل بعضهم

بعضاواستغل ذلك بني العباس فضعفنا وقووا هم فاسقطوا دولتنا وعملوا فينا تقتيلا وتنكيلا حتىوصل بهم الأمر ان يعطوننا ميثاق الله

ويغدروا فقط لانهم يريدون افنائنا وانا هربت مع اختاي واخي الأكبر واخ صغير يبلغ من العمر 13 سنة آنذاك ادرك المسودة مخبأنا فتفرقنا

في هروبنا فهربت مع أخي الأصغر وخادمي بدرا واختبأنا عند اشجارٍ بجانب الفرات لكنهم بعد ذلك كشفونا وكنت انا واخي الصغير بينما

خادمي بدرا كان يشتري لنا الأغراض فهربنا ناحية الفرات وسبحنا وكادوا ان يلحقوا بنا في النهر وكان عميقا فخشواالهلاك وكنت اجيد

السباحة لكن اخي تخاذل وصدق امانيهم ووعودهم فصدقهم وما ان وصل اليهم حتى قتلوه ولم يرعوا له ذمة هربت بعدها والحزن يقتلني

علىأخي الصغير الذي قتل امامي لكني اكملت الطريق لأني تركت ما امامي ورائي وماورائي أمامي لأصل الى غايتي والتقيت بخادمي بدرا

وذهبنا الى فلسطين وتداويت هناك من الرمد الذي اصابني ولكن بعد ان فسدت عيني اليمنى واليسرى خرجت سالمة والحمدلله على كل حال

فذهبنا بعد فلسطين الى مصر ثم الى القيروان ثم الى زناتة وآواني هناك رجل كريم ذو شهامة ومروءة اسمه ابا قُرة وزوجته أم قُرة

كفياووفيا معي وذهبت الى اخوالي نفزة فأمي بربرية منهم اسمها (راح) فأكرموني كونهم خؤولتي ولي حق عليهم وبقيت هناك حتى احسست

بالوقت المناسب لدخولي الأندلس فارسلت خادمي بدرا الى الأندلس ليجمع حولي الناس وكان عند حسن ظني به وفي سنة 138 دخلت

الأندلس وحدثت معركة المصارة بيني وبين يوسف الفهري حاكم الأندلس وصاحب امره الصميل بن حاتم وهزمتهما ودخلت قرطبة يوم

الأضحى وكان يوما مشهودا .

قلت: يالها من مواقف وأحداث بعد ان حكمت الم تكن هناك احداث أخرى؟

صقر قريش: بلى فخلال حكمي ثارت علي 25ثورة اخمدتها كلها بفضل من الله ومنته ابرزها الثورة التي كان سببها ابوجعفر المنصور

فانتصرت عليها وقتلت قائدها العلاءبن مغيث وكانت حصيلة قتلاهم بالمعركة 7آلاف شخص دماء غالية استرخصها من اراد الثورة وكذلك

طمع في الأندلس ملك الفرنجة شارلمان ولكن الله خيب أمله

قلت: فلذلك كنت قاسيا على من خرج عليك فتضرب عنقه ولاتعفو عنه؟

صقر قريش: نعم انا لم ابادئء أحدا هم من بادروا بالخيانة ولم اقتل كل من ثارعلي هناك من عفوت عنهم لكن من خان مرة يخون مرتين فقد

كانوا قبل ماأملك الأندلس متفرقين يقتل بعضهم بعضا وانظر احد الذين ثاروا علي استعان بالكافر شارلمان علي يفضل الكافر على المسلمين

ويمكن الكافر من رقابهم ولاتريدون مني ان اعاقبه؟

قلت : صدقت والله فكيف الناس معك؟

صقر قريش: على أحسن حال وخصوصا اهل قرطبة فهم يحبونني وانني احبهم فاحضر جنائزهم وأعود مرضاهم واصل فقيرهم وانصر

ضعيفهم ولا أقولها منا لكن للتوضيح كيف علاقتي معهم

قلت: لكن لماذا قتلت الصميل وابا الصباح ؟

صقر قريش: اتعرف من هؤلاء حقا؟ هؤلاء من فرق المسلمين فاصبحت الأندلس قيس ويمن وليست اسلام ومسلمين فحدثت بينهم مقاتل

كبيرة فالصميل كان بطاشا سكيرا جلف القلب لايعرف من الإسلام الا فتوحات وغنائم واهتم بقومه وظلم الباقين وخصوصا اليمنية

وابالصباح نصرني بادئء الأمر ليثأر من الصميل فاراد ان ينهب قرطبة بعد معركة المصارة فمنعته فغضب مني وقال لأصحابه هلموا بنا

نجعله فتحان في فتح فتغدوا الأندلس لنا دون الناس فنهره ثعلبةالجذامي الذي تبرأ من العصبية الجاهلية واصبح الآن احد اكبر رجال دولتي

كماترى لكن ابالصباح عاد لضلاله القديم واراد الثورة فقتلته.

قلت : واصحابك اباعثمان عبدالله بن عثمان وابناء اخوانك المغيره وعبيدالله؟

صقر قريش: اما صاحبي اباعثمان فقد خانني مع ابن اخي الوليد الذي تنكر لي وكان اباعثمان يمن علي فخرب على نفسه بمنه وابن اخي

عبيدالله وابن اخي الآخر المغيره تنكرا لي فوجب قتلهما لانه نفس العقاب الذي عوقب به غيرهما ومن الظلم العفو عنهما وعقاب غيرهما.

قلت: كلامك صحيح ايها الأمير ولكن ماذا عن رفيق دربك بدر؟

صقر قريش: آآآآه بدر رفيق رحلتي الطويلة ولازمني اغلب فترات حكمي لهذه البلاد لكنه دمر ذلك كله بمنه علي واتهامه اياي باني جحدت

ماعمله لي وهذه آفة الأنسان لم يدرك انه اتى معي خادما ودخل الأندلس معي أميرا فبدأ يمن علي حتى حدث الذي حدث ونفيته الى بلاد الثغور

ولذلك بعد هذه الأحداث لم أثق بأحد بعدها قط .

قلت:من على الحق انتم ام بني العباس؟

صقر قريش: اسمع يابني لقد علمتني هذه الحياة اشياء كثيرة ستتعلمها انت ايضا فنحن كبني امية كنا نقول الحق معنا والأدلة كثيرة معنا

وكذلك يفعل بني العباس وادلتهم كثيرةايضا لكن في الحقيقة يابني الحكم في ذلك عند الله فكلنا نحن بني امية وبني العباس وابناء علي بن ابي

طالب مسلمين لاشك في ذلك فينا العادل والظالم الصالح والفاسق ومرد الحكم كماقلت لله سبحانه

قلت : في الختام احببت ان اشكرك ايها الأمير على تكرمك بانك حاورتني والآن حان وقت الذهاب .

صقر قريش: اهلا بك يابني في اي وقت .

خرجت فقابلت ابراهيم بن عيسى وشكرته وسلمت عليه وركبت الآلة وعدت الى الكويت فسألني صديقي بلهفة : ماذا حدث معك وكيف كان

اللقاء قلت له ببساطة: هذا الرجل شخصيته فريدة واكتفيت بهذا .اتمنى ان يعجبكم مجهودي المتواضع هذا في التعريف بهذه الشخصية الفذة

والى لقاء آخر ان شاء الله.