((في المجلس الزاهر مع عبدالرحمن الناصرج2))

بسم الله الرحمن الرحيم:

الآن نحن بصدد الجزء الثاني من رحلتنا الى قرطبة ودخول الزهراء فهلم بنا نبدأ على بركة الله :

بينما أنا والحكم المستنصر ولي العهد نمشي ونتكلم عن الكتب والمكتبات وكيف يتكلم وهو فخور بأن والده الناصر أمر ان يكون لكل شخص في قرطبة مكتبة في بيته وأنا أسمع كيف

كان الناصر لدين الله عظيما والعظمة لله وحده وادركت الآن كلمة علي الطنطاوي رحمه الله

بأنه جعل نجوم الأندلس عبدالرحمن وعبدالرحمن وعبدالرحمن الأول هو الغافقي شهيد بلاط

الشهداء والثاني عبدالرحمن الداخل (صقر قريش) مؤسس الدولة الأموية وجد الناصر الأكبر وعبدالرحمن الناصر إياه وهو يستحق ذلك بلاشك المهم دخلنا الحديقة التي كان

بها الناصر يستأنس بها وإذا برجل مهيب طويل اللحية غلبه الشيب وكيف لا وقد بلغ السبعين

من العمر سلمنا عليه فرد السلام وقال :ما أسمك أيها الفتى فأني أراك لأول مرة؟ قال الحكم:

هذا أبوعبدالله وهو قادم إليك من بلاد الجزيرة قال:آآآه انت ابوعبدالله الذي قابل جدي

صقر قريش(*) قلت :نعم يا أمير المؤمنين أنا هو قال وهو متهلل :أهلا بك والآن تريد

مقابلتي قلت:نعم يا أمير المؤمنين قال:فسل ماشئت .

قلت :من أنت ؟

قال:أناعبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم الربضي، بن هشام بن عبد الرحمن (الداخل) أبو المطرف، الناصر لدين الله الأمير الثامن من أمراء الدولة الأموية بالأندلس أمي أم ولد اسمها (ماريا) أو (مزنة) كما يسميها اهل قرطبة.

سألته بعد ذلك:كيف نلت الحكم بعد جدك عبدالله رغم وجود أعمامك ؟

إبتسم وقال: كان أبي محمد المرشح للخلافة بعد جدي عبدالله لكن عمي المطرف قتل أبي بغيا وظلما وطمعا بولاية العهد بعد جدي وقد قتل أبي بعد ولادتي بأسبوعين فلما علم جدي عبدالله بأن عمي المطرف هو من قتل أبي أمر به فقتله قصاصا لأبي وعندما حضرت الوفاة جدي كان عمري 22سنة جعلني خلفا له لأنه رآني أهلا للحكم من بعده وكذلك رآني أعمامي فهم ابتعدواعن الحكم لكثرة القلاقل وخصوصا التي انت بسبب قاطع الطريق عمر بن حفصون المولدي الذي كان شوكة في جنب دولتنا ل47سنة فحكمت انا وأستطعت قمع الثورات واولهم

عمر بن حفصون ووحدت الأندلس من جديد وها أنت ذا ترى الأندلس بعد 50سنة من حكمي لها.

سألته بعد تفكير وخشيت أن يغضب قلت له: لكن لماذا خالفت من سبقكك من الأمراء وتلقبت بالخلافة؟

هنا ضحك أشد الضحك وقال:والله توقعت بأنك ستسأل هذا السؤال وقلت في نفسي لن ينتهي هذا النقاش إلا وأنت تسألني لماذا تلقبت بالخلافة أقول لك :هذا اللقب لمن هو جدير به انظر لخلفاء بني العباس في المشرق يلعبون بهم وزرائهم يخلعون هذا ويضعون هذا ويقتلون هذا خلافة ضعيفة وأنظر الى من بجانبهم أصحاب الدولة العبيدية الذي يدعون ان نسبهم لآل بيت رسول الله وماهم من آل البيت وقالوا أنهم امراء المؤمنين أتراهم اجدر مني بإمارة المؤمنين وأنا وبفضل الله الذي يتملق لي الملوك دون هؤلاء فرأيت نفسي أجدر الناس بهذا اللقب فاللقب تكليف لاتشريف.

إبتسمت له وقلت :قلت له مارأيك بخلافتك؟ هل أنت سعيد بها؟

تنهد تنهد طويل وقال:إن طلبت رأيي فمن الطبيعي ان أهون على نفسي وأقول اني أحسنت العمل فهذا تسأل به الناس والتاريخ ولاتسألني أنا اما هل أنا سعيد بها وهل يسعد العاقل بشيء يعتبر تكليف عليه ؟ إسمع ياولدي لقد حكمت زهاء خمسين عاما عددت الأيام التي صفت لي بعد خلافتي فوجدتها 14يوما اي أسبوعين من 50سنة!!وذلك لكثرة المشاغل والهموم والثورات ومقاتلة اعداء الدين القشتاليين والنافاريين والليونيين الذين اعدتهم لثغورهم بحمد الله ومنته فمن لديه كل هذا العمل والتجهيز هل يسعد به لاسعادة بالتعب إلا من أجل دينك وابنائك وأهلك هنا فقط ترتاح في تعبك.

إبتسمت وقلت له :صدقت حسنا لماذا بنيت الزهراء

قام من كرسيه متأملا الزهراء وهو يقول: قررت بناء هذه المدينة لكثرة السفارات التي تأتيني وضيق المكان السابق بهم وآذوا الناس فقررت بناء مدينة عظيمة فيها القصور سكنا لي ولأهلي وجميع خطط ودواوين الدولة تكون فيها وقصر يسكن به السفراء وتكون المدينة

هذه خارج قرطبة حتى لاينزعج الناس ويضيقوا فأشرف على بنائها إبني الحكم فكانت كما رأيت .

قلت والسعادة تخمرني:في ختام لقائنا الميمون المبارك الا تقول لنا الشعر الذي رددت به على مناكفة الفقيه الجليل المنذر بن سعيد البلوطي لك؟

إبتسم وقال: قال لي هذا الفقيه الفذ :

يا باني الزهراء مستغرقاً *** اوقاته فيها أما تمهل

لله ما احسنها رونقاً **** لو لم تكن زهرتها تذبل

فقلت له:

همم الملوك إذا أرادوا ذكرها *** من بعدهم فبألسن البنيان
او ما ترى الهرمين كم بقيا وكم *** ملك محاه حوادث الأزمان
إن البناء إذا تعاظم قدره *** أضحى يدل على عظيم الشأن

إبتسمت وقلت له:بارك الله لك في وقتك لا أريد الإطالة عليك لقد سعدت بهذا اللقاء الجميل

فتقبل مني خالص الشكر.

قال لي:وداعا يا أباعبدالله علنا نلتقي من جديد إن شاء الله.

ودعت الحكم المستنصر وخرجت من الزهراء وتوجهت الى جامعة قرطبة ووجدت اباعامر وعانقته وقلت له : سنلتقي عما قريب يا أبا عامر فإلى اللقاء فأبتسم وقال:الى اللقاء يا أباعبدالله لنا لقاء بإذن الله.

ركبت لآلة الزمن وعد الى الكويت وانا سعيد مرتاح البال بعد هذه الجولة الشيقة ودخلت غرفتي وغرقت في نوم عميق بعد هذه الرحلة الجميلة.

*:طبعا انا مصدق روحي يعني انه عارفني فتحملوني موقصتي ؟! كيفي :)

******

قال ابن خفاجة الأندلسي:

لعمريَ لو أوضعتُ في منهجِ التقى
لكانَ لنا في كلّ صالحة ٍ نهجُ
فَما يَستَقيمُ الأمرُ، والمَلْكُ جائرٌ،
و هل سيتقيمُ الظلُّ والعودُ معوجُّ؟

******

قال أبو إسحاق الألبيري:

لو كنت في ديني من الابطال
ما كنت بالواني ولا البطال
ولبست منه لأمة فضاضة
مسرودة من صالح العمال
لكنني عطلتأقواس التقى
من نبلها فرمت بغير نبال
ورمى العدو بسهمه فأصابني
إذا لم احصن جنة لنضال
فأنا كمن يلقى الكتبية اعزلا
في مأزق متعرضا لنزال
لولا رجاء العفو كنت كناقع
برح الغليل برشف لمع الآل
شاب القذال فآن لي أن أرعوي
لو كنت متعظا بشيب قذال
ولو انني مستبصرا إذ حل بي
لعلمت أنم حلولة ترحالي
فنظرت في زاد لدار إقامتي
وسألت ربي أن يحل عقالي
فلكم هممت بتوبة فمنعتها
إذ لم أكن أهلا لها وبدالي
ويعز ذاك علي إلا أنني
متقلب في قبضة المتعالي
ووصلت دنيا سوف تقطع شأفتي
بأفول انجمها وخسف هلالي
شغلت مفتن أهلها بفتونها
ومن المحال تشاغل بمحال
لا شيء أخسر صفقة من عالم
لعبت به الدنيا مع الجهال
فغدا يفرق دينه أيدي سبا
ويزيله حرصا لجمع المال
لا خير في كسب الحرام وقلما
يرجى الخلاص لكاسب لحلال
ما إن سمعت بعائل تكوى غدا
بالنار جبهته على الإقلال
وإذا اردت صحيح من يكوى بها
فاقرأعقيبة سورة الأنفال
ما يثقل الميزان إلا بامرىء
قد خف كاهله من الأثقال
فخد الكفاف ولا تكن ذا فضلة
فالفضل تسأل عنه أي سؤال
فهم وأنت وفقرنا وغناهم
لا يستقر ولا يدوم بحال
وطف البلاد لكي ترى آثار من
قد كان يملكها من الأقيال
عصفت بهم ريح الردى فذرتهم
ذرو الرياح الهوج حقف رمال
وتزلزلت بهم المنابر بعد ما
ثبتت وكانوا فوقها كجبال
واحبس قلوصك ساعة بطلولهم
واحذر عليك بها من الأغوال
فلكم بها من أرقم صل وكم
قد كان فيها من مها وغزال
ولكم غدت منها وراحت حلبة
للحرب يقدمها ابو الأشبال
فتقطعت أسبابهم وتمزقت
ولقبل ما كانوا كنظم لآل
وإذا أتيت قبورهم فاسألهم
عما لقوا فيها من الأهوال
فسيخبرونك إن فهمت بحالهم
بعبارة كالوحي لا بمقال
من لا يراقب ربه ويخافه
تبت يداه وما له من وال